الترميز الطبي يُربك الأطباء!


Glance Team

Glance Team

4 min read

Aug 03, 2025

الترميز الطبي يُربك الأطباء!

خلف كل زيارة طبية هناك مهمة حاسمة وصامتة: الترميز الطبي. بالنسبة لكثير من الأطباء في السعودية، تحويل بيانات المريض وتشخيصاته إلى رموز تشخيص دقيقة هو تحدٍّ معقد ومرهق يجعلهم في ضباب إداري أكثر من وضوح سريري. وقد كشفت أبحاث وتجربة فريق “قلانس كير” حجم التشويش الذي يواجه الأطباء، وضرورة تبني حلول مبتكرة وجذرية.

رحلة تطور رموز التشخيص: لماذا هي معقدة على الأطباء؟

في الأساس وضعت أنظمة الترميز الطبي بهدف توحيد اللغة الطبية لتسهيل العمل السريري، والتحليل الإحصائي، وتسريع الموافقات التأمينية وتعزيز جودة الوثائق الطبية. لكن الواقع أن لغة هذه الأنظمة وُضعت من لجان بيروقراطية باستخدام أساليب “الأنطولوجيا” (تصنيف وترتيب المفاهيم)، لا على يد أطباء يمارسون الطب على أرض الواقع. وهكذا ظهرت فجوة لغوية بين ما يوثّقه الأطباء عملياً وما تطلبه أنظمة الترميز.

أمثلة واقعية: الفجوة بين التشخيص الطبي والرمز المطلوب

خذ مثلاً مشكلة “القدم السكرية”، المصطلح الشائع سريرياً الذي يتضمن مضاعفات متعددة مثل التهابات القدم والقروح والاعتلال العصبي. لا يوجد رمز مباشر تحت مسمى “قدم سكري”، بل يجب على الطبيب تفكيك التشخيص وتسجيله كـ “مضاعفات في الشرايين لمرض السكري” ثم “قرحة قدم”، أو رموز فرعية أخرى حسب كل حالة وتفاصيلها.

قد يحاول الطبيب إلى البحث عبر الإنترنت أو يستخدم أدوات مثل قوقل أو شات جبت. ولكنه سيجد اقتراحًا E11.621: Type 2 diabetes mellitus with foot ulcer

وهو رمز معتمد في النظام الأمريكي فقط ولا يتوافق مع النسخة الأسترالية المعتمدة في المملكة.

مثال آخر: تحديات ترميز حمى البحر الأبيض المتوسط المتكررة

(Familial Mediterranean Fever)

يواجه الأطباء تحدياً إضافياً عند التعامل مع حالات مثل حمى البحر الأبيض المتوسط المتكررة، وهو مرض وراثي مناعي ذاتي يصيب الأطفال بنوبات مؤلمة والتهابات متعددة في أغشية وأعضاء الجسم. عند محاولة البحث في الأنظمة المحلية للمستشفيات عن رمز تشخيصي مطابق لهذا المرض باستخدام اسمه المباشر أو المرادفات القريبة، غالباً تظهر رموز عامة مثل

R50 للحمى العامة

، وقد تظهر رموز تشخيص أمريكية عند الاستعانة بمحركات البحث كقوقل أو أدوات الذكاء الاصطناعي العام كـ

M04.1

إلا أن هذه الرموز غير مدعومة في النسخة الأسترالية المعتمدة محلياً في المملكة العربية السعودية.

هنا تبرز الصعوبة للطبيب أو المرمز إذ يستدعي عليه الاعتماد على معرفة عميقة بآلية المرض وتوزع الأعراض و المضاعفات لاختيار الرموز الأنسب. فعلى سبيل المثال، قد تصاحب حمى البحر الأبيض المتوسط التهابات في الأغشية الداخلية كغشاء القلب أو الرئة أو الأمعاء. كمثال إذا كانت الأعراض عبارة عن ألم حاد في الصدر متوافق مع التهاب غشاء القلب لدى طفل، قد يُغري الطبيب توثيق التشخيص برمز

R07.4 (ألم الصدر)

كحل سريع ثم تقديم هذا الرمز لشركة التأمين للحصول على موافقة فحوصات للقلب وتحاليل مناعية إلى شركة التأمين، إلا أن ذلك غالباً سينتهي برفض الطلب، وذلك بسبب عدم توافق الرمز مع عمر المريض والخدمات المطلوبة عند تدقيق شركات التأمين.

الحل الصحيح وفق معايير الترميز الأسترالية يتطلب اختيار رمز يجسد المرض النشط أولاً، مثل

I30.8 (التهاب غشاء القلب الحاد - acute pericarditis)،

نظراً لكونه التجسيد السريري الفعلي للحالة. ونظراً لعدم وجود رمز مخصص لحمى البحر الأبيض المتوسط في تصنيف الأمراض الاسترالي، يُنصح باستخدام رمز يعبّر عن طبيعة المرض المناعية الذاتية

M35.8 (أمراض نسيج ضام ذاتية متعددة - Other specified systemic involvement of connective tissue)،

بالإضافة إلى إمكانية إضافة رمز خاص بالحمى النشطة،

مثل R50.8

بهذا الترتيب، تضمن مطابقة الوثائق الطبية مع متطلبات شركات التأمين وسرعة قبول الطلبات دون تعطيل رحلة علاج المريض.

عملية مرهقة تتطلب فهماً سريرياً ووعياً ترميزياً عالياً… معظم الأطباء لم يُدرَّبوا عليها، إذ هي فوق اختصاصهم ومهامهم الأساسية.

العبء على الطبيب… وخسائر لكل الأطراف

هذا العبء الإداري تفاقم في ظل متطلبات مجلس الضمان الصحي السعودي حيث يجب إرسال طلب الموافقة التأمينية خلال 15 دقيقة فقط، مما يفوق معدل سرعة الارسال العالمي بكثير! لو حدث خطأ بسيط بدل التشخيص الحقيقي سترفض شركة التأمين الطلب فوراً

ما هو الحل؟ الخيارات المتاحة والنقاش الدائر

الحلول المطروحة حاليًا أمام القطاع الصحي السعودي:

  • تخصيص فرق ترميز طبي متخصصة: وهم نادرون وعددهم القليل لا يغطّي الطلب المتزايد خصوصًا في السوق السعودي.
  • تدريب الأطباء أنفسهم على الترميز الطبي بدقة: حل مرهق وسيزيد أعباء الطبيب ويبعده عن جوهر عمله الإكلينيكي.
  • مطالبة شركات التأمين بتسهيل شروط التدقيق: لكنه خيار محفوف بالمخاطر ويُعرض السوق لفوضى في المطالبات والتلاعب.

ابتكار قلانس: الذكاء الاصطناعي في خدمة الترميز الطبي

منذ 2019، عملنا في “قلانس كير” بعمق تقني وفهم لسوق الرعاية الصحية السعودي، وبنينا حلولاً ذكية مثل نظام “MORAMIZ AI”. هذه التقنية تقرأ وتفهم الوثائق الطبية - سواءً النصوص المنظمة أو الحرة - وتربطها بالرموز المناسبة، عبر أدوات مثل “Quick Coder” ونظام الإحالات الذكي “Sanad AI” وواجهات برمجة التطبيقات (APIs) المؤسسية.

هدفنا: تقليل العبء على الطبيب، تسريع الموافقات التأمينية، تحسين جودة الوثيقة الطبية، وزيادة فرص الحصول على الرعاية الفورية دون تعقيدات إدارية.

في المثال الأول بامكانك استعمال خاصية المرمز السريع باضافة بعض معلومات الحالة المرضية كي يبدأ النظام المختص للاقتراح الرموز الصحيحة بكل سهولة.

Quick Coder

Quick Coder

كيف تُدقق شركات التأمين الصحي رموز ICD-10؟

1. تقديم طلب الموافقة والفحص المبدئي:

عند تقديم الطبيب أو المستشفى للطلب سواء موافقة مسبقة أو مطالبة مالية تأمينية، يتم تضمين رموز ICD-10 لتوضيح التشخيصات والخدمات المقدمة.

تقوم أنظمة شركات التأمين الأوتوماتيكية أولاً بفحص الرموز للتأكد من اكتمالها وصحتها وتوافقها مع الخدمات والفحوصات المفوترة.

2. مطابقة التشخيص بالإجراء:

تتحقق شركة التأمين من أن الإجراء الطبي (مثل رمز SBS, GTIN, GMDN) متوافق مع التشخيص (رمز ICD-10 AM).

مثال: عند الفوترة لعمل تصوير بالرنين المغناطيسي للركبة، يجب أن يكون هناك تشخيص ICD-10 AM يبرر ضرورة هذا الفحص.

3. مراجعة الضرورة الطبية:

تراجع الجهات التأمينية التأكيد على أن رمز ICD-10 يثبت أن الفحص أو العلاج ضروري (وليس اختيارياً أو غير مناسب للحالة).

تتم مقارنة الرموز بسياسات التأمين الداخلية أو الإرشادات الطبية الوطنية clinical practice guidelines.

4. التحقق من الدقة والتفصيل:

بحث المدققون عن الرموز المحددة بدقة:

الرموز العامة أو غير المفصلة قد تثير الشكوك (مثلاً، “ألم بطني” غالباً لا يبرر الجراحة بدون تفاصيل إضافية).

يجب أن تتطابق الملاحظات الطبية والوثائق الداعمة تماماً مع رموز ICD-10 الواردة في المطالبة.

5. مراجعة السجلات الطبية:

بالنسبة للمطالبات المشبوهة أو ذات القيم العالية، يبدأ فريق مدققو شركة التأمين بفحص السجلات الطبية للمريض.

تتم مقارنة الوثائق الطبية (ملاحظات الطبيب، نتائج الفحوصات، الخ) مع رموز ICD-10 المقدمة في المطالبة للتأكد من صحتها.

6. اكتشاف الأخطاء أو الأنماط غير السليمة أو الاحتيال:

الترميز المبالغ فيه (Upcoding): استخدام رمز لتشخيص أخطر مما هو موثق لزيادة الدفعة المالية.

تقسيم الرموز (Unbundling): فصل الإجراءات أو الرموز بشكل غير ضروري.

التكرار غير المناسب (Clustering): استخدام نفس الرموز بشكل متكرر وغير منطقي.

تهدف تدقيقات التأمين إلى الكشف عن هذه الأنماط لتفادي الدفع الزائد أو عمليات الاحتيال.

7. التغذية الراجعة والاسترجاع المالي:

إذا تم اكتشاف أخطاء، يمكن لشركة التأمين رفض الطلب، أو طلب معلومات إضافية، أو استعادة المبالغ المدفوعة بشكل زائد.

قد يُطلب من مقدمي الخدمة الصحية من تصحيح الرموز وإعادة تقديم المطالبة.

الخلاصة: نحو مستقبل أذكى في الترميز الطبي

الترميز الطبي هو بوابة لضمان جودة الرعاية الطبية، وسرعة الحصول على العلاج والتغطية التأمينية. ونحن في “قلانس كير” نؤمن بدور الذكاء الاصطناعي في سد الفجوة بين لغة الطبيب الواقعية ومتطلبات الأنظمة. لذا، ندعو جميع المعنيين - من أطباء ومؤسسات ومشرعين - للعمل معاً نحو مستقبل ذكي وعادل… يترك للطبيب وقته لعلاج المرضى ويضمن حلم كل مريض برعاية سريعة وفعالة.


Glance Team

Glance Team

5 min read

Share on socials: